طلب العلم فريضة

طلب العلم فريضة

السبت، 26 أبريل 2014

الحث على المودة والائتلاف والتحذير من الفرقة والإختلاف


الحث على المودة والائتلاف
والتحذير من الفرقة
والإختلاف

للشيخ الدكتور
ربيع بن هادي المدخلي
حفظه الله


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه.
أما بعد:
فقد طلب مني بعض الأحبة والإخوة من الجزائر توجيه نصيحة إلى الشباب السلفي في الجزائر تحثهم على التمسك بالكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح، وتحثهم على المحبة في الله والتآخي فيه، فرأيتُ أن أوجه إليهم هذه النصيحة التي صدرت مني في عام (1425هـ)، نصيحة لعدد من طلاب الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية آنذاك، وأفيد الجميع أني أدين الله بما تضمنته هذه النصيحة قبل إلقائها وبعد ذلك إلى يومي هذا، ولن أغير فيها ولن أتزحزح عنها بمشيئة الله وتوفيقه إلى أن ألقاه.

كتبه
ربيع بن هادي عمير المدخلي
21/12/1429هـ

بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ،
[ياأيها الذين أمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون]
[ياأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحده وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا]
[يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما]
أمــــا بـــعــــــــد :ـ
فإن أصدق الحديث كلام الله ، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم- ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ،وكل ضلالة في النار
أمــــا بــــعـــــــد :ـ
فمرحبا بكم ـ أيها الأخوة ـ في الله ، وأيها الطلاب الكرام طلبة العلم الشريف ، الذين شدوا الرحال من أماكن نائية ، لينهلوا العلم الشرعي المنبثق من كتاب الله ومن سنة رسول الله r في مهبط الوحي مدينة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- التي هي المهبط الثاني للوحي بعد مكة المكرمة ، والتي انطلقت منها رايات الجهاد والفتوح ، لإعلاء كلمة الله تبارك وتعالى ، ولنشر هذا الدين الحق وليَظهر هذا الدين على الدين كله ، كما قال الله تبارك وتعالى :ـ[هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون]  ولقد أظهر الله هذا الدين على أيدي هؤلاء الصحابة الكرام المخلصين ، صحابة محمد -صلى الله عليه وسلم-الذين فتحوا القلوب بالعلم والهُدى والإيمان ، وفتحوا القلاع والبلدان بسيوف الحق ، فنصروا دين الله تبارك وتعالى بكل ما يمتلكون من طاقة ، وبكل ما يستطيعون من بذل الأموال والنفوس ، وحققوا الغاية التي أرادها الله لهذا الدين ـ أن يسود وأن يظهر على الأديان كلها ، وهذا الدين قائم على الهُدى وعلى العلم ، على الهدى وعلى العلم ، لا على الأهواء، والجهالات، والسفاهات والفوضى التي تسود الآن في بلدان كثيرة ، لا تقوم دعواتهم على كتاب الله ولا على سنة رسول الله ، وإنما تقوم على الأهواء إلا من سلم الله تبارك وتعالى وهذه الجامعة الإسلامية أدركت واقع المسلمين ـ أو المسؤولون عنها والذين أسسوها أدركوا واقع المسلمين ــ وما يعيشونه من جهل وبعد عن منهج الله الحق إلا قلائل في العالم الإسلامي ، أُنشئت هذه الجامعة على مناهج إسلامية صحيحة منبثقة من كتاب الله ومن سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام ، وخصص منها [ثمانون في المائة] لأبناء العالم الإسلامي ، و[عشرون في المائة] لأبناء هذا البلد ، لكي يعود هؤلاء الذين نفروا إلى مهبط الوحي لينهلوا من مناهل العلم الصافية ويعودوا إلى بلدانهم ينشرون هذا الحق وهذا الخير وهذا الهدى الذي تعلموه ،
[فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون]، فهذه فرصة عظيمة لكم ،فاهتبلوها وأقبلوا على العلم النافع الصافي الخالص المستمَد من كتاب الله ومن سنة رسول الله ،لأن مصادره متوفرة ـ ولله الحمد ـ عندكم في هذه المدينة وفي الجامعة الإسلامية ، من أراد الحق والخير لنفسه ولعشيرته وقومه وبلده فعليه أن يشمر عن ساعد الجد ، ويتلقى العلم من العلماء الموجودين الذين وهبوا أنفسهم لتعليم هذا الحق ونشره ،ـ بارك الله فيكم ـ وتعلموا ـ ادرسوا من هذه الكتب من هذه المصادر التي تحتوي على العقائد الصحيحة ، والمناهج الصحيحة ، اقرءوا كتب التفسير السلفية ، التي قامت على تفسير كتاب الله بكتاب الله وبسنة رسول الله وبفقه الصحابة الكرام ، الذين عاشروا نزول الوحي وعاصروا رسول الله وعايشوه وعرفوا مقاصد الكتاب والسنة ، هؤلاء الذين يُتمسك بفقههم ، وحفظهم لكتاب الله وسنة رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولهذا قال الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام لما تحدث عن الفرق وتحدث عن الفرقة الناجية ((….من هي؟ قال:ـ من كان على ما أنا عليه وأصحابي )) ففقه الصحابة الكرام لدين الله الحق الذي تلقوه من كتاب الله ومن سنة رسول الله ومن أقواله وأفعاله وتربيته وتوجيهه عليه الصلاة والسلام يجب أن يكون مرجعا لنا وهم المؤمنون المقصود ون بقول الله تبارك و تعالى:ـ[ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا] فهذا وعيد شديد لمن شاق الله ورسوله واتبع غير سبيل المؤمنين فانتبهوا لهذا الأمر واحرصوا على أن تفقهوا سبيل المؤمنين الذي استمدوه من كتاب الله ومن سنة رسول الله ومن تربية رسول الله وتزكيته ـ وتربيته ـ لهم على الكتاب والحكمة ، ـ بارك الله فيكم ـ فهذه فرصة عظيمة لكم، افهموا منها دين الله الحق واسْعَوا بكل جد في إظهاره ـ إظهاره ـ على الأديان كلها ، بالحجة والبرهان ، ـ بارك الله فيكم ـ هذه نقطة أنبهكم عليها ، فعليكم بطلب العلم من منابعه الأصيلة من كتب التفسير السلفي ومن كتب العقائد السلفية التي تنبثق من كتاب الله ومن سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام وتبين لكم سبيل المؤمنين الصادقين ، وسبيل المبتدعين المفارقين لمنهج الله الحق ، فهم ـ والله ـ أمناء هذه الأمة على دينه، وعلى دين هذه الأمة، وعلى سلامة عقيدتها ومنهجها، وعلى تثبيتها على ما جاء به محمد -صلى اله عليه وسلم- ، وشيء يصل بهذا وهو أنه من البديهيات عندكم أن الواجب علينا أن نتبع كتاب الله وسنة رسوله-صلى الله عليه وسلم- ، وأن نعتصم بكتاب الله وسنة رسول الله ، وأن نغض على ذلك بالنواجذ ، كما قال رسول الله :ـ لما وعظ موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب ، فطلبوا منه أن يوجه لهم نصيحة قالوا :ـ (( يا رسول الله كأنها موعظة مودع فأوصنا ، قال :ـ أوصيكم بتقوى الله ـ انتبهوا لهذا ـ لهذه الوصية ـ والسمع والطاعة ،وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا ، فعليكم بسُنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين ، عضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة )) ،فهذه الموعظة تشمل الوصية بتقوى الله ، تقوى الله التي لابد منها ،و لا تتمثل إلا في نفوس العلماء الصادقين الصالحين ،[إنما يخشى اللهَ َمن عباده العلماء]فاتقوا الله -عزوجل-، لتصلوا إلى هذه المرتبة، أو تعلموا لتصلوا إلى هذه المرتبة ،لأن الذي يعلم العقائد الصحيحة ، والمناهج الصحيحة ، والأحكام والآداب والأخلاق النابعة من كتاب الله وسنة الرسول هذا هو الذي ـ يعني ـ يخشى الله -عزوجل- ، فإن في هذه الأمور كلها ، ومن هذا الإدراك لهذه الأمور التي ذكرناها ،ما يدفعه إلى تقوى الله -عزوجل- ، وإلى خشيته ومراقبته في كل زمان ومكا ن ، وفي كل حال من الأحوال ، وهذا مقام عظيم ـ مقام الإحسان ـ أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك ، هذا مقام الإحسان ، أن يكون عند الإنسان إحساس قوي بأن الله يراه ، وأن الله يسمع كل ما يقول ، ويسمع نبضات قلبه وخلجات نفسه ، وما تُحدِّث به نفسه ، يعلمه ـسبحانه وتعالى ـ ويسمعه ، ويرى حركاتك وسكناتك ، فالذي يعظم الله حق تعظيمه ويدرك أنه يسمع كل ما يقول ويعلم كل ما يتحدث به ، ويُحدِّث به نفسه ، ـ سبحانه وتعالى ـ وأن لله كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون ، فإذا وجد هذا الشعور النبيل في نفس المؤمن حصل عنده ملكة التقوى التي يجتنب بها المعاصي والشرك والبدع والخرافات ، ويحصل له مقام الإحسان لأنه يراقب الله ويستشعر بأن الله يراه ، ولا يخفى من أمره على الله قليل ولا كثير ، ولا مثقال ذرة ، هذا الإحساس وهذا الشعور النبيل يدفعه ـ إن شاء الله ـ إلى تقوى الله ، ولا يصل إلى هذا إلا من يعلم العقائد الصحيحة والأحكام الصحيحة من الحلال والحرام ، ويعرف الأوامر والنواهي والوعد والوعيد من كتاب الله ومن سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام ، فهؤلاء الذين استحقوا الثناء من الله تبارك وتعالى فقال فيهم :ـ } إنما يخشى الله من عباده العلماء {وقال :[يرفع الله الذين أمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات] فاحرصوا أن تكونوا من هذا الطراز ، ـ يعني ـ أن تجمعوا بين العلم والعمل ،اجمعوا بين العلم والعمل ، وذلك هو ثمرة العلم وثمرة تقوى الله تبارك وتعالى ومراقبته، فعليكم ـ أيها الأخوة ـ بتحصيل الإيمان الصادق الخالص ، والعلم النافع ، والعمل الصالح ،[والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين أمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر]فالإيمان الصادق إنما يقوم على العلم ، وعمل الصالحات لا تنبثق إلا من العلم ، والدعوة إلى الله لا ينطلق بها إلا أهل العلم ، والصبر على الأذى ـ بارك الله فيكم ـ مطلوب لمن علم وعلَّم ودعا إلى الله تبارك وتعالى ، فكونوا من هؤلاء الذين يعلمون ويؤمنون بهذا العلم ويدعون إلى هذا العلم والإيمان ، ويصبرون على الأذى في سبيل إيصال هذا الحق والخير إلى الناس ، لابد أن يواجه المسلم المؤمن الداعي إلى الله ـ لابد أن يواجه من الأذى ما لا يخطر بباله وما لا يرتقبه ، ولا يستغرب المؤمن ذلك ، فإنه قد أوذي في سبيل الله ، وفي سبيل الدعوة إلى الله خير خلق الله وهم الأنبياء والرسل الكرام عليهم الصلاة والسلام ، فهم قد أوذوا أكثر منا ، وابتلوا بعداوة أشد الأعداء أكثر منا ، ((أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل )) ، فمن تمسك بكتاب الله وسنة رسول الله ودعا إلى ذلك لابد أن يؤذى ، فوطن نفسك على الصبر ،[واصبر إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب]والله أمر رسوله أن يتأسى بأولوا العزم ، أن يصبر في ميدان الدعوة والجهاد كما صبر أولوا العزم[فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل ولا تستعجل لهم]ولنا في رسول الله وفي أنبياء الله جميعا أسوة حسنة ، فالرسول أُمر أن يقتدي بمن قبله من الأنبياء وأن يهتدي بهداهم ، ونحن مأمورون بأن نهتدي برسول الله وأن نتأسى به ، عليه الصلاة والسلام ،[لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر] أسوة حسنة شاملة في كل شأن من الشئون التي جاء بها محمد -صلى الله خليه وسلم- ،أسوة في عقيدته ، فنعتقد ما كان يعتقده ، أسوة في عبادته فنعبد الله مخلصين له الدين متبعين لما جاء به هذا الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام ، أسوة في الأخلاق العظيمة التي قد يفقدها كثير من الدعاة إلى الله تبارك وتعالى ، ويفقدها كثير من الشباب ، وينساها كثيرا منها أو كلها بعض الشباب ، الله مدح رسوله عليه الصلاة والسلام المدح والثناء العاطر[وإنك لعلى خلق عظيم]، فالداعي إلى الله ، وطالب العلم والموجه ، والمرشد ، يحتاجون إلى أن يتأسوا برسول الله في عقيدته ومنهجه وأخلاقه ، إذا تكاملت هذه الأمور في الداعية إلى الله أو قارب فيها الكمال نجحت هذه الدعوة ـ إن شاء الله ـ وقدمها الداعي في أجمل صورها وأفضلها ـ بارك الله فيكم ـ وإذا خلت من هذه الأمور من هذه الأخلاق التي منها الصبر ومنها الحكمة ومنها الرفق ومنها اللين ومنها ومنها .. أمور ضرورية تتطلبها دعوة الرسل عليهم الصلاة والسلام فلابد أن نستكملها ، وقد يغفل عنها كثير من الناس ، و كذلك يضر الدعوة السلفية ويضر بأهلها إذا أغفلها وقدم إلى الناس ما يكرهون فقط وما يستبشعونه ويستفظعونه من الشدة والغلظة والطيش وما شاكل ذلك ، فإن هذه أمور مبغوضة في أمور الدنيا فضلا عن أمور الدين فلابد لطالب العلم …ـ كيف تدرس يا أخي ـ تدرس سيرة الرسول ، تدرس أخلاقه تدرس عقيدته ، تدرس منهجه ، فبعض الناس لا يأبه بعقيدة الرسول ولا بمنهجه ويسلك مناهج وعقائد أخرى اخترعها الشيطان لمن خذله الله من أهل البدع والضلال ، وأناس قد يوفقون للأخذ بالعقيدة ولكن يضيعون المنهج ، وأناس يوفقون للعقيدة والمنهج ولكن في سلوكهم يضيعون العقيدة ويضيعون المنهج ، يكون معهم الحق ــ يكون معهم الحق ـ عقيدة صحيحة ومنهج صحيح ، ولكن سلوكهم وأسلوبهم في الدعوة يقضي على الدعوة ويضرها ، فاحذروا من مخالفة الرسول في عقيدته وفي منهجه وفي دعوته ،كيف كان يدعو الناس عليه الصلاة والسلام ، واستلهموا هذه التوجيهات النبوية إلى الحكمة إلى الصبر إلى الحلم إلى الصفح إلى العفو إلى اللين إلىالرفق إلى أمور أخرى إلى جانب هذه استوعبوها ـ يا أخوان ـ واعلموا أنها لابد منها في دعوتنا للناس ،لا تأخذ جانبا من الإسلام وتهمل الجوانب الأخرى ـ أو جانبا من جوانب طريق الدعوة إلى الله تبارك وتعالى وتهمل جوانب أخرى ، فإن ذلك يضر بدين الله -عزوجل-، يضر بدين الله -عزوجل-، ويضر بالدعوة وأهلها ،ـ والله ـ ما انتشرت الدعوة السلفية في هذا العصر القريب وفي غيره إلا على أيدي أناس علماء حكماء حُلماء يتمثلون بمنهج الرسول عليه الصلاة والسلام ، ويطبقونه قدر الاستطاعة ـ قدر الاستطاعة ـ فنفع الله بهم ، وانتشرت الدعوة السلفية في أقطار الدنيا بأخلاقهم وعلمهم وحكمتهم ، وفي هذه الأيام نرى أن الدعوة السلفية تتراجع وتتقلص ـ بارك الله فيكم ـ لأنها فقدت حكمة هؤلاء ـ حكمة الرسول ـ قبل كل شيء وحلمه و رحمته وأخلاقه ورفقه ولينه ، ــ والله ــ لقد شتمت[عائشةَ-رضي الله عنها- ] يهوديةٌ ، فقال لها رسول الله :ـ يا عائشة إن الله يحب الرفق في الأمر كله )) حديث متفق عليه ، هذا الحديث إذا ذكره عالم يوجه الشباب إلى المنهج الصحيح في الدعوة إلى الله يقولون هذا تمييع ـ هذا تمييع ـ إذا ذكرت الحكمة والرفق واللين والحلم والصفح، التي هي من ضروريات الدعوة إلى الله تبارك وتعالى ، ومن العوامل التي تجذب الناس إلى الدعوة الصحيحة فيدخل الناس في دين الله أفواجا، يستخدمون التنفير ـ رغم أن رسول الله يقول :ـ (( إن منكم منفرين ، يسروا ولا تعسروا ، وبشروا ولا تنفروا )) ــ يا أخوان ــ هؤلاء لا يدركون ، وإلا فوالله يلزمهم أن يَصِمُوا الرسول بأنه مميع ، والصحابة وعلماء الأمة بأنهم مميعون ، يلزمهم على هذا التشدد العنيف المهلك الذي أهلك الدعوة السلفية ـ يلزمهم أن يكون الرسول نفسه الذي يدعو إلى الرفق والحكمة واللين يكون هو مميع ـ نستغفر الله ـ والله ـ لا يريدون هذا ولا يقصدونه ، ولكن لا يدركون ، فعليهم من الآن أن يدركوا ماذا يترتب على هذه الأحكام ـ ماذا يترتب على هذه الأحكام ـ نحن ـ والله نجاهد ونناظر ونكتب وننصح ……… [ كلمة غير مفهومة ] إلى الله Uفيعتبروننا أننا من المميعين ، لا يريدون أن نقول ـ حكمة ولين ورفق ـ لمَّا رأينا أن الشدة أهلكت الدعوة السلفية ومزقت أهلها ـ فماذا نصنع ؟ ـ فقلت ـ ياأخوة ـ لمَّا نرى النيران تشتعل ـ نِجِي ـ ونصب عليها بنزين ، نخليها تزيد اشتعالا ، وإلا نأتي بهذه الأمور التي ستطفي هذه الحرائق ، ـ بارك الله فيكم ـ فأنا اضطررت ـ وهذا واجبي ـ من قبل اليوم وأنا أقولها من قبل اليوم ـ لكن ركزت عليها لمَّا رأيت الدمار ،لمَّا رأيت هذا البلاء، 
أقول :ـ عليكم بالرفق ، عليكم باللين ، عليكم بالتآخي ، عليكم بالتراحم ، الآن ـ يعني ـ هذه الشدة توجهت إلى أهل السنة أنفسهم ، تركوا أهل البدع واتجهوا إلى أهل السنة بهذه الشدة المهلكة ، وتخللها ظلم وأحكام باطلة ظالمة ،فإياكم ثم إياكم ، أن تسلكوا هذا المسلك الذي يهلككم ويهلك الدعوة السلفية ويهلك أهلها ، أدعُ إلى الله بكل ما تستطيع ، بالحجة والبرهان في كل مكان ، قال الله، قال رسول الله ، وتستعين بعد ذلك ـ بعد الله ـ بكلام أئمة الهدى الذين يُسلِّم بإمامتهم ومنزلتهم في الإسلام أهل السنة وأهل البدع ، خذوا هذا ، وأنا أوصي الأخوان اللي يروحون أفريقيا وإلا يروحون في تركيا وإلا في الهند وإلا في غيرها ـ والله ـ قول قال الله ، قال رسول الله قال ، قال فلان من الأئمة الذين يحترمونهم ،تروح أفريقيا تقول قال [ ابن عبد البر ] قال [ مالك ] قال كذا ، ـ أهل عقائد فاسدة ـ لما تأتي بكتاب الله وسنة الرسول وتأتي بكلام العلماء يمشي لك ، يُنقد لك ،هذه حكمة ـ هذه حكمة ـ لكن لما تأتيه بس أنت ! مِنْ عندك بس ، أنت في الميدان وحدك ، ما حد يقبل منك ، لابد أن تستأنس بعد كلام الله بكلام العلماء الذين لهم منزلة في نفوس الناس ، ولهم مكانة ، وما يستطيعون الطعن فيهم ولا في كلامهم ، وقال [ البخاري ] يحترمونه ، الصوفية في كل مكان يحترمون [البخاري] يحترمون [ مسلم ] ويحترمون هذين الكتابين ، والإمامين ، ويحترمون [ أحمد بن حنبل ] ويحترمون [ الأوزاعي ] و[ سفيان الثوري ] وإلى آخره ، فيه روابط بيننا وبينهم ـ أماكن إلتقاء ـ بخلاف الروابط ، فيه أماكن إلتقاء بيننا وبينهم فلننفذ إليهم من هذه المنافذ ،هذا من الحكمة ـ يا أخوان ـ هذا من الحكمة ، ما تجي تقول لهم ـ… والله [ابن تيمية] إمام ـ لكن ما يقال [ابن تيمية] لأن الجهال ما يبغوه ـ ما يبغوه ـ بارك الله فيكم ـ قل [ابن تيمية] في أوساط السلفيين الذين يحترمونه ،لكن ما تقول قال [ابن تيمية] قال [ابن عبد الوهاب] ـ مثلا ـ ينفرون ، هم منفرون لهم، جيب لهم الأئمة الذين يقدرونهم ويحترمونهم ،لأن سادتهم وشيوخهم شوهوا [ابن تيمية] وشوهوا [ابن عبد الوهاب] وشوهوا علماء الدعوة أئمة الدعوة ، فلا تأتيهم من هذا الباب ، ليس من الحكمة ؛ تأتيهم من باب قال[ مالك] قال [سفيان الثوري] قال [الأوزاعي] قال [ابن عيينة] قال [البخاري] قال [مسلم] في الجزء الفلاني الصفحة الفلانية ، يقبل منك ، إذا قبلوا منك احترم [ابن تيمية] وعرفوا أنه على الحق واحترموا [ابن عبد الوهاب] وعرفوا أنه على الحق ،بارك الله فيكم , وهكذا ، أقول هذا نوع من التنبيه إلى سلوك طريق الحكمة في دعوة الناس إلى الله تبارك وتعالى ، ومنها لا تسب جماعتهم[ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم ]
أنا أقول :ـ رحت السودان، فيه سودان موجودين ،ـ أظن بينكم سودان موجودين ، موجودين ناس من السودان ـ نزلت في بور سودان ،فاستقبلني شباب أنصار السنة ـ بارك الله فيكم ـ وقالوا ياشيخ :ـ نلفت نظرك إلى شيء ، قلت تفضلوا ، قالوا :ـ تكلم بما شئت ، قل قال الله قال رسول الله ـبارك الله فيك ـ واطعن فيما شئت من البدع والضلالات، من دعاء غير الله والذبح والنذر والاستغاثة وإلى آخره ، لكن لا تقل الطائفة الفلانية ولا الشيخ الفلاني ، لا تنص على التيجانية من الفرق، ولا الباطنية ، ولا رؤوسهم ، بس أنت اسرد العقائد و ستجد نفسك ….[ كلمة غير مفهومة ] الحق ،قُتلُه :ـ طيب ،فسلكت هذا المسلك ، فوجدت إقبالا من الناس ، ماهو لابد تسب شيوخهم وتطعن فيهم ،[ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغيرعلم ] تسب الشيخ وإلا تقول ضال وإلا كذا وإلا الطريقة الفلانية ، ينفرون منك ، فتأثم ، تكون نفرت الناس ، إذا انكم منفرين ، والرسول لما أرسل معاذا وأبا موسى قال (( يسرا ولا تعسرا وبشرا ولا تنفرا )) فهذه من الطرق التي فيها التيسير وفيها التبشير ، وما فيها تنفير ـ ووالله ـ ما دخلت مسجدا إلا وأرى التهلل في وجوههم ولا أستطيع الخروج من كثرة المقبلين علي يصافحوني ويدعونني ، ثم رأت رؤوس الصوفية الشياطين ، رأوا خطورة هذا السلوك وهذا المنهج في الدعوة ،فاجتمعوا وتآمروا ـ بارك الله فيك ـ ونسقوا لأنفسهم كلاما يردون به علي، وأعلنوا لي عن محاضرة في ميدان كبير ،فاجتمعنا في هذا الميدان وتكلمت فقام كبيرهم وعلق على كلامي ، بيجيز الإستغاثة ويجيز التوسل ويقول بتعطيل الصفات ، ويقول ويقول .. ويؤيد كل الأباطيل بتأويلات فاسدة ،لمَّا فرغ ـ ما عنده أدلة ـ جاب أحاديث ضعيفة موضوعة ، جاء بأقوال الأسقراطيين ـ جاب كذاـ قلت والله يا جماعة سمعتم كلامي أنا أقول قال الله قال الرسول وقال علماء الأمة المعتبرين، وهذا الرجل جاء بأحاديث ما أسعفه القرآن بشيء ، سمعتم قال الله كذا في جواز الإستغاثة بغير الله في إجازة التوسل ، ما فيه شيء ـ نعم ـ هل سمعتم كلام الأئمة الكبار مثل [ مالك ] وأمثاله ، ما سمعتم ، سمعتم أحاديث موضوعة أحاديث ضعيفة ، كلام لناس معروفين عندكم أنهم خرافيون ! المهم قام يسب ويشتم ،أنا ضحكت عليه ، لا سبيته ولا شتمته ـ بارك الله فيك، جزاك الله خير ـ جزاك الله خير بارك الله فيك ،……[كلمة غير مفهومة ] التعليق الخفيفة ،وافترقنا ، والله الذي لا إله إلا هو أنهم أصبحوا في اليوم الثاني يتحدثون في المساجد والأسواق أن الصوفية هُزمت ، هُزمت الصوفية ، فتعلموا يا أخوان هذه الطرق ، القصد هداية الناس ، القصد إيصال الحق إلى قلوب الناس ، استخدم كل ما تستطيع من وسيلة شرعية ، المهم الغاية من الوسيلة ـ أن أهل البدع من الكذب واللف والدوران والمناورات هذه ليست عندنا ،نحن أهل صدق وأهل حق ولكن نعرض في أي مدى الصور التي يقبل فيها الناس وتؤثر في نفوسهم ـ بارك الله فيكم ، ثم ذهبنا إلى كسلا كمان ـ مشاء الله ـ كان قُدَّامِي الدعوة ممهده والحمد لله وطيبة وكذا ، تكلمنا والحمد لله ونفع الله بما تكلمنا ثم ذهبنا إلى الغظارف ، ودُرنا على ــ الغظارف مدينة صغيرة ــ درنا ـ يعني ـ على المساجد التي فيها كلها، قالوا لم يبقى في هذه المدينة إلا مسجد واحد للتيجانية لم نستطع أن نصل إليه ، كيف ؟ قالوا متعصبين تعصب شديد ،قلت نذهب إليهم ونستأذنهم، إن أذنوا لنا بالكلام بلَّغنا ، منعونا …….[ كلمة غير مفهومة] إلى الله ، نحن ما نجيهم بالقوة ـ بارك الله فيكم ـ فَجِئْنا وصلى بنا الإمام وبعد ما فرغ جيت سلمت عليه ،تسمح لي ألقي كلمة في الأخوان هؤلاء ؟ قال تفضل ، وتكلمت ـ تكلمت بارك الله فيك ـ أدعو إلى الله إلى التوحيد إلى السنة إلى ،إلى ، إلى ، وأنتقد بعض الأخطاء الموجودة ، بعض الضلالات ، وصلت إلى حديث ـ مثلا ـ ذُكر فيه ـ حديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ المتفق عليه ، (( ثلاث من حدثك بهن فقد أعظم على الله الفرية ، من قال إن محمدا رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية ، ومن قال إن محمدا يعلم ما في غد فقد أعظم على الله الفرية ، ـ وأسوق الآي في الأدلة على هذا ـ ومن زعم أن محمدا لم يبلغ ما أنزل عليه فقد أعظم على الله الفرية )) ، هو ـ يعني ـ قال ،كِذا نصف جالس ،واقف ، قال :ـ والله إن محمدا رأى ربه بعيني رأسه ، قلت له :ـ جزاك الله خيرا ، أما عائشة التي هي أعلم الناس به فقد قالت ـ كذا ـ (( من زعم أن محمدا رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية )) والله و كان رسول الله رأى ربه لأخبرها ، ولكن ما أخبرها ، قام يلج ، قلت له يا أخي إنتظر حتى أنهي كلمتي وبعد ذلك إسأل عما شئت ، الذي أعرفه أجيبك به ، والذي لا أعلمه أقول لك الله أعلم ، وتركته واستمريت في الكلام ، لا أدري هذا الرجل بقي أو راح لا أدري ما التفت له ، قليل وأسمع واحد:ـ والله الكلام اللي يقوله الزول ده حق ، ـ الزول الرجل ـ عند السودانيين يقول للرجل الزول ، والله اشويه واسمع تعليقه :ـ والله الكلام اللي يقوله الزول ده حق ،قال الله قال رسول الله ، بارك الله فيكم ، حتى أذن لصلاة العشاء وانتهت الكلمة وأقيمت الصلاة ، وإذا بهم يدفعوني لأصلي بهم ! فقلت أبدا، يصلي الإمام ، قالوا والله تصلي ، والله تصلي ، قلت طيب ، وصليت بهم ، وبعد ما فرغنا أبغي أسئلة ما في ، خرجنا أنا والشباب أنصار السنة معي ، قلت لهم أين ذهب الإمام ؟ قالوا طردوه ،من طرده ؟قالوا ـ والله ـ جماعته ، جماعته ، أصلا ما يقدرون يتحركون ، والله هذا الذي حصل يا أخوة ،لو جاء إنسان يَسَّـفـَّه، التيجاني- المرغني ـ أل كذا ـ والله يذبحونه يمكن ،مو بس يطردوه ،لكن لما تجيهم بالحكمة واللطف ـ بارك الله فيك ـ فنفعهم الله -عزوجل- نفعهم الله بهذا ، فاستخدموا يا أخوة العلم النافع والحجة القاطعة والحكمة النافعة في دعوتكم وعليكم بكل الأخلاق الجميلة النبيلة التي حث عليها الكتاب وحث عليها رسول الهدى -صلى الله عليه وسلم- ، فإنها عوامل نصر وعوامل نجاح ، وصدِّقوا أن الصحابة ما نشروا الإسلام ودخل في القلوب إلا بحكمتهم وعلمهم أكثر من السيوف ، والذي يدخل في الإسلام تحت السيف قد لا يثبت ، والذي يدخل الإسلام ـ يدخله عن طريق العلم والحجة والبرهان هذا الذي يثبت إيمانه ، فعليكم بهذه الطرق الطيبة وعليكم بالجد في العلم وعليكم بالجد في الدعوة إلى الله ، 
ثم أنبهكم يا أخوة إلى أمرين :ـ 
أولا :ـ التآخي بين أهل السنة جميعا ـ السلفيين بثوا في مابينكم روح المودة والأخوة ، وحققوا ما نبهَنا إليه رسول الله عليه الصلاة والسلام ، بأن المؤمنين كالبنيان يشد بعضه بعضا ، والمؤمنون كالجسد الواحد ـ كالجسد الواحد ـ إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر ، كونوا هكذا يا أخوة ، ابتعدوا عن عوامل الفرقة فإنها والله شر خطير وداء وبيل واجتنبوا الأسباب التي تؤدي إلى الإحن والبغضاء والفرقة والتنافر ، ابتعدوا عن هذه الأشياء لأنها سادت هذه الأيام على أيدي أناس يعلم الله حالهم ـ يعلم الله حالهم ومقاصدهم ـ سادت وكثرت ومزقت الشباب في هذا البلد في الجامعه وغيرها وفي أقطار الدنيا ، ليه ؟ لأنه نزل إلى ساحة الدعوة إلى الله من ليس من أهلها ، لا علما ولا فهما ، ـ بارك الله فيكم ـ وقد يجوز أن يكون الأعداء دسوا في أوساط السلفيين من يمزقهم ويفرقهم ، وهذا أمر غير بعيد أبدا ، ووارد تماما ــ بارك الله فيكم ـ فاحرصوا على الأخوة وإذا حصل بينكم شيء من النفرة ، فتناسوا الماضي وأخرجوا صفحات بيضاء جديدة الآن ، وأنا أقول للأخوان ، الذي يقصر ما نسقطه ـ نهلكه ـ الذي يخطئ منا ما نهلكه ـ بارك الله فيكم ـ نعالجه باللطف والحكمة ونوجه له المحبة والمودة إلى آخره ، حتى يؤوب ، وإن بقي فيه ضعف ما نستعجل عليه, وإلا والله ما يبقى أحد ـ ما يبقى أحد ـ الناس الآن يطاردون ، يطاردون السلفيين حتى أتوا إلى العلماء وسموهم مميعين ،ـ بارك الله فيكم ـ الآن ما بقي في الساحة عالم تقريبا إلا ـــ طبعا هي طريقة الأخوان ــ طريقة أهل بدع ــ طريقة أهل البدع من أسلحتهم أن يبدأوا بإسقاط العلماء ، بل هي طريقة يهودية ،هي طريقة يهودية ماسونية ،إذا أردت إسقاط فكرة فأسقط علماءها أو شخصياتها ـ بارك الله فيكم ـ فابتعدوا عن هذا الميراث الرديء ، واحترموا العلماء ـ والله ـ إن يسعى الكلام في الطعن فيَّ ، إنه مايكون نتيجة إلا إسقاط المنهج ، فالذي يكره هذا المنهج يتكلم في علماءه ، الذي يبغض هذا المنهج ويريد إسقاطه ،هذه الطريق مفتوح لهم طريق اليهود وطريق الأحزاب الضالة من الروافض وإلى آخره ، الروافض يبغضون الإسلام وما يقدرون يتكلمون في محمد عليه الصلاة والسلام، يتكلمون في [أبو بكر وعمر] وعلماء الأمة يبغون يسقطون الإسلام ، أهل البدع الكبرى يتكلمون ، ما يتكلمون في أحمد والشافعي يتكلمون في محمد بن عبد الوهاب ـ ابن تيمية وأمثالهم ، ليسقطوا هذا المنهج ـ بارك الله فيكم ـ الآن ناس ينشئون في صفوف السلفيين ما شعرت إلا وهم يُشدِّقون في رؤوس العلماء ، هؤلاء ماذا يريدون ؟ ماذا يريدون ؟ لو أرادوا الله والدار الآخرة وأرادوا نصرة هذا المنهج وهم يحبون هذا المنهج،والله دافعوا عن علماءه فلا تأمنوا هؤلاء على دينكم ، ولا تثقوا فيهم ـ بارك الله فيكم ـ واحذروهم كل الحذر ، وتلاحموا وتآخوا فيما بينكم ،وأنا أعرف أنكم لستم معصومين وليس العلماء بمعصومين ،قد نخطئ، اللهم إلا إذا دخل في رفض أو في اعتزال ، أو في تجهم ،أو في تحزب ، من الحزبيات الموجودة ،أما السلفي يوالي السلفيين ويحب المنهج السلفي ـ بارك الله فيكم ـ ويكره الأحزاب ويكره البدع وأهلها وإلى آخره ، ثم يضعف في بعض النقاط هذا نترفق به مانتركه ،ننصحه ـ ننصحه ننتشله نصبر عليه نعالجه ـ بارك الله فيكم ـ أما من أخطأ هلك ! هذا ـ لا يبقى أحد ، ولهذا ترى هؤلاء خلص فرغوا من الشباب راحوا للعلماء يسقطونهم ـ بارك الله فيكم ـ هذا منهج،الأخوان المسلمين دخلوا في البلاد أول ما بدأوا بإسقاط العلماء ، وفي الوقت نفسه يدافعون عن سيد قطب والبنا والمودودي وأهل البدع ـ بارك الله فيكم ـ وأسقطوا علماء المنهج السلفي ، عملاء جواسيس إلى آخره ، علماء السلطان ، إلى آخر الإتهامات ، أيش قصدهم ؟ قصدهم إسقاط المنهج السلفي ،وإقامة الأباطيل والضلالات على أنقاضه ، والذين الآن يطعنون في ـ يقولون سلفيين ويطعنون في علماء السلفية ، ماذا يريدون ؟ أيش يريدون ؟ يريدون رفع راية الإسلام ! ورفع راية السنة والمنهج السلفي ! أبدا ، أبدا ، هذه قرائن وأدلة على أنهم كذابون متهمون ، مهما ادعوا لأنفسهم ؛ فأنا أوصيكم يا أخوة وأركز عليكم اتركوا الفرقة ، عليكم بالتآخي ، عليكم بالتناصر على الحق ، عليكم بنشر هذه الدعوة ، في طلاب الجامعة وغيرها ، على وجهها الصحيح ، وصورتها الجميلة ، لا على الصور المشوهة ، التي يسلكها هؤلاء ، والله ـ قدِّموا الدعوة السلفية كما قلت لكم :ـ قال الله ، قال رسول الله ، قال [الشافعي] ، قال [أحمد ]، قال [البخاري] ، قال [مسلم] ،أئمة الإسلام الذين يحترمونهم ويوقرونهم ، وقِّفوهم على كلامهم ، ـ بارك الله فيكم ـ هذه يساعدكم إلى حد بعيد ، نعم ستجدون بعض الناس يعاندون ، لكن ما كل الناس يعاندون ، ستجدون أكثر الناس يقبلون على دعوتكم سواء هنا في الجامعة أو إذا عدتم إلى بلدكم ، استخدموا هذه الطرق ،التي تجذب الناس إلى كتاب الله وإلى سنة رسول الله وإلى منهج السلف الصالح ،والعقائد الصحيحة والمنهج الصحيح ؛
أسأل الله تبارك وتعالى أن يوفقنا وإياكم إلى ما يحب ويرضى ، وأن يجعلنا من الدعاة المخلصين ، ومن العلماء العاملين ، وأن يجنبنا وإياكم كيد الشيطان وكيد شياطين الجن والإنس ،وأسأله تبارك وتعالى أن يؤلف بين قلوبكم وأن يجمع كلمتكم على الحق وأن ينفع بكم أينما حللتم وأينما رحلتم وذهبتم ، أسأل الله أن يحقق ذلك ،
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم 
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

** س/ أزاول مهنة نقل بضاعة بسيارتي ، فهل يجوز لي أن أنقل بضاعة أحد التجار والتي هي عبارة عن مصاحف وعطور ومجلات في العلوم الشرعية للعلماء المعروفين بالسنة قديما وحديثا،إلا أنه يتخللها بعض كتب أهل البدع والمجهولين،؟ 
ج/ والله أنا أرى أنك نقلك لكتب أهل البدع والمجهولين من التعاون على الإثم والعدوان ،فأرى أن لا تنقل ، اترك هذا الرجل واذهب إلى غيره ،أبواب الرزق مفتوحة ، انقل بضائع خضار انقل حاجات من الأمور التي ما فيها شبه ولا حرام . بارك الله فيك . تفضل 
** س/ جاءني أحد الأقرباء وقدم لي زكاة ماله ، فقلت له أني لست من المستحقين للزكاة ، وأردت أن أعيد ماله ، فلم يقبل ، وقال أنت عندي من المستحقين ، فهل أقبل هذا المال ؟ أم ماذا أعمل به ؟ 
ج/ إذا كنت من المستحقين وإلا ادفعها لغيرك ، إذا أبى إلا أن تأخذها فخذها وتصدق بها ، أما هو إذا كان يعلم أنك غير مستحق فيجب عليه أن ينفق مثل هذا المال لغيرك من المستحقين ، لأن مصارف الزكاة معروفة[إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها…..]إلى آخر الآية ، فإذا قلت لست أحد مصارف ـ يعني ـ الزكاة وتعلم ذلك وتستيقنه حاول إقناعه ، إن أبى قل له أنا أخذ المبلغ اتصدق به وأعتقد أن هذا لا يجزأك لأنك وضعت هذا في غير صاحبه ، لكن قد تكون أنت مستحقا ، فلا ترى نفسك مستحقا لأن عندك شيء من غنى النفس ،فراجع نفسك ، قد تحتاج إلى إيجارسكن ،قد تحتاج إلى شراء كتب ،قد تحتاج شيء من ضرورات الحياة ،فإذا كان كذلك قد تكون وجهة نظره صحيحة وصدقت وفي محلها لأنك أحد لمصارف ، وراجع الأمر أنت وصاحبك . نعم .
** س/ يا فضيلة الشيخ ، إذا كان الرجل عنده أخطاء أوجبت التحذير منه ، فهل يلزم نصحه قبل تحذير الناس منه أم لا ؟ 
ج/ والله إذا كان شره مستطيرا ، بادر بنصحه وهذا أنفع ، فإن قبل وإلا فحذر منه ، 
لعلها النصيحة طيبة ـ النصيحة ـ قد ينفعه الله -عزوجل- بهذه النصيحة ويرجع عن باطله ويعلن خطأه ،بارك الله فيكم ، لكن لما تأتي تصدمه بالرد فقط قد لا ينقاد لك 
فتبذل الوسيلة التي ـ أولا يكون الأثر طيب ، لأنك لما تنصحه بينك وبينه وتبدي له شيء من اللطف وـ كذا ـ وكذا ـ سيرجع إن شاء الله ويعلن خطأه ، وفي هذا خير كبير أنفع من الرد ، بارك الله فيك ، ولهذا أنا ـ يعني ـ أقدم النصيحة ، بارك الله فيكم ، أقدم نصيحة بعضهم يسمع وبعضهم لا يسمع ، الذي لا يسمع حينئذٍ نضطر نرد عليه 
إذا لم يكن إلا الاسنة مركب
فما حيلة المضطر إلا ركوبها . نعم . 
** س/ يا فضيلة الشيخ متى نستعمل اللين ومتى نستعمل الشدة في الدعوة إلى الله وفي المعاملات مع الناس ؟ 
ج/ الأصل في الدعوة اللين ،والرفق والحكمة ، هذا الأصل فيها ، فإذا ـ بارك الله فيك ـ وجدت من يعاند ولا يقبل الحق وتقيم عليه الحجة ويرفض حينئذٍ تستخدم الرد ، وإن كنت سلطانا وهذا داعية فتأدبه بالسيف ، وقد يؤدي إلى القتل إذا كان يصر على نشر الفساد فهناك من العلماء من شتى المذاهب يرون أن هذا أشد فسادا من قطاع الطرق ، فهذا يُنصح ثم تقام عليه الحجة ، فإن أبى فحينئذٍ يلجأ الحاكم الشرعي إلى عقوبته ، قد يكون بالسجن ،قد يكون بالنفي قد يكون بالقتل ، وقد حكموا على الجهم بن صفوان وعلى غيره وعلى بشر المريسي وعلى ـ بارك الله فيك ـ غيرهم ـ بارك الله فيك ـ بالقتل ، منهم الجعد بن درهم ، وهذا حكم العلماء على من يعاند ويصر على نشر بدعته ، وإذا نفعه الله وتراجع فهذا هو المطلوب . نعم .
** س/ يقول بعض الشباب كما أننا نقلد الشيخ الألباني ـ رحمه الله تعالى ـ في أغلب الأحاديث كذلك يجوز تقليد أئمة الجرح والتعديل في عصرنا مطلقا . هل هذا الكلام صحيح ؟ 
ج/ الشيخ الألباني وقبله علماء أكبرمنه مثل أبي داود والترمذي والنسائي ـ الناظر في كلامهم وأحكامهم على الأحاديث بين أمرين :ـ إما أن يكون جاهلا ، لا يمكنه أن يُصحِّح أو يُضعِّف ، فهذا يقلد ، وإنسان متمكن ، طالب علم قوي ، عالم متمكن من التمييز بين الصحيح والضعيف عنده قدرة تؤهله لهذا التمييز ـ بارك الله فيكم ـ بين الصحيح والضعيف ، يدرس تراجم الرجال ،ويدرس العلل ، وـ كذا وكذا ـ تجد النتيجة هي موافقة هذا الإمام أو مخالفته ، في ضوء البحث العلمي القائم على المنهج الصحيح ، وطرق أهل الجرح والتعديل ، ـ نعم ـ ثم ـ يعني ـ التقليد في الجرح والتعديل ـ التقليد في الجرح والتعديل ـ هذا شأنه بارك الله فيكم ، هذا الطريق نفسه ، يعني إنسان لا يتمكن ـ وقف على كلام للبخاري ، لمسلم ، لأبي داود : ـ فلان ـ بارك الله فيك ـ كذاب ، فلان سيء الحفظ ، فلان واهي ، فلان متروك ، فلان كذا ــ ما وجد أحد يعارضه ــ يقبل كلامه لأن هذا خبر ، يقبله لأنه خبر من الأخبار ـ ماهو فتوى ــ يقبله لأنه خبر من الأخبار ، وقبول أخبار الثقات أمر ضروري لابد منه ، لكن إذا كان طالب علم ووجد من يخالف هذا الرجل الذي جرحه وجد إماما آخر قد خالفه وزكاه ، فحينئذٍ لابد من تفسير هذا الجرح ، لا يُسلَّم لهذا الجارح طالما هناك عالم آخر يعارضه في هذا التجريح ، فإذا لم يعارضه أحد يُقبل ، وإذا عارضه فلابد من بيان أسباب الجرح ـ بارك الله فيكم ـ والأمر موجود في كتب المصطلح وكتب علوم الحديث هذا شيء معروف عند طلاب العلم ـ فراجعوه بارك الله فيكم في مقدمة ابن الصلاح ، وراجعوا فتح المغيث وراجعوا تدريب الراوي ، وراجعوا كتب هذا الشأن ، علوم الحديث وعلوم الجرح والتعديل ، . نعم . 
** س/ الذين ذكرتم حفظكم الله هل لهم مسلك الدعوة السلفية ، هل هم في صفوف السلفيين ، دعاة يرمون كل شخص بالتمييع لمجرد خطأ ونرجوا منكم التمثيل ؟ 
ج/ لا داعي للتمثيل ، لكن هذا موجود وأنتم تعرفونه ، هذا أمر موجود ملموس لكم تعرفونه تماما ، لا شك أنه موجود ، ونسأل الله أن يقضي على هذه الفتنة ، فإنها والله أضرت بالدعوة السلفية كثيرا ، لا هنا فقط ، بل في الدنيا كلها ، فهذا مذهب جديد لا يعرفه أهل السنة ، رمي أهل السنة بأنهم مميعون ـ يعني مبتدعة ـ مبتدعة ـ بارك الله فيكم ـ وتقصُّد أهل السنة بالذات ، وأنا لا أستبعد أن بين هؤلاء ناس مدسوسون على المنهج السلفي وأهله ، لأن هذا أمر معلوم قطعا من أساليب أهل الأهواء أنهم يدسون في صفوف السلفيين، واليهود يدسون في صفوف المسلمين من يضللهم ولابد لهؤلاء أن يلبسوا لباس المنهج السلفي إذا كان الأمر يهم السلفيين ، لابد ، فأنت تجد كثير من أهل البدع يدَّعون السلفية ، ويدَّعيها بحماس وقوة ـ بارك الله فيك ـ ويدفعوك عنها ، هؤلاء لا تأمنهم ، بارك الله فيك ، وتجد في المسلمين في الدنيا كلها ناس مدسوسين ، مدسوسين وباسم الإسلام ، هذا أمر معروف ، بارك الله فيكم ، لكن الأذكياء يعرفون هؤلاء يعرفونهم من تصرفاتهم من مواقفهم ، من أحكامهم ، من إلى آخره ، قرائن ، قرائن، أدلةـ بارك الله فيك ـ ووفقكم الله .
** س/ بعض الشباب يقسم علماء السلفيين إلى علماء الشريعة وعلماء المنهج ، هل هذا التقسيم صحيح ، ؟ 
ج/ غلط ، غلط هذا التقسيم ، هذا غلط ـ بارك الله فيك ـ لكن إنسان يعلم الشريعة وقد يبرز بسبب اهتمامه بالمنهج وما يناقضه ، والذين يخالفونه ، قد يكون عنده اهتمام أكثرـ بارك الله فيكم ـ وذاك الثاني عنده شئ من اهتمام وشئ من الإدراك ولكن بحكم تخصص هذا ـ يمكن ـ ولكن لا يسلَّم أيضا لهذا المتخصص بكل شيء ، لا سيما إذا عارضه آخرون ـ بارك الله فيكم ـ نعم ، هذا التفريق اتركوه ـ هذا التفريق أصله ابتدعه أهل البدع ، فقهاء واقع وغير فقهاء واقع ، هذا التقسيم الجديد هو موجود الآن في صفوف السلفيين ، لا ينبغي ، أرادوا إسقاط ابن باز والعلماء الموجودين قالوا ما يفقهون الواقع ، فإذا تكلوا في الأحداث وفي المشاكل التي تهم ـ يعني ـ تعم المسلمين وتنزل بهم وكذا ، قالوا لا والله ما يعرفون الواقع ، بارك الله فيكم ، هذا إسقاط ، إسقاط خطير جدا في أخطر الميادين ، على أن هذا الميدان ميدانهم ، بارك الله فيكم ، نعم .
** س/ هل يجوز هجر من يسلم على أهل البدع من الأخوان المسلمين والحركيين والتكفيريين ، ويجالسهم مع إقراره بأنهم مبتدعة ويزهد الناس في علم الجرح والتعديل ، ؟
ج/ يجالس الأخوان المسلمين ، وأيش ؟ 
** س/ والحركيين 
الشيخ :ـ آآ 
** س/ والتكفيريين 
الشيخ :ـ كيف يجالسهم ؟ كيف المجالسة هذه ؟ 
** س/ فقط ذكر أنه يجالسهم 
الشيخ :ـ كيف يجالسهم ؟ بارك الله فيك ، هل السلفيون الآن يجالسون أهل البدع !؟ الآن السلفيون قسمان :ـ سلفي قوي ، يستطيع أن يبلغ دعوة الله في أهل البدع وفي الأحزاب ـ بارك الله فيك ـ بالحجة والبرهان ، ويؤثر فيهم ولا يؤثرون فيه ، فهذا واجبه أن يختلط بهؤلاء ويدعوهم ، لا لأجل أكل ولأجل شرب ولا مداهنة ولا شيء ولا إقرارعلى باطل ، إنما يحصلهم في المساجد يدعوهم ، يحصلهم في الأسواق يدعوهم ، يركب معاه في سيارة يدعوه ، يركب معاه في طائرة يدعوه ، يركب في قطار يدعوه ، بارك الله فيك ـ يدعو لأنه لابد من الإختلاط بهؤلاء ـ ما له فكة منهم ـ لأن أهل البدع والأهواء أغلبية ساحقة وأن السلفيين كالشعرة البيضاء في الثور الأسود ـ بارك الله فيكم ـ فرغم أنفه يختلط بهؤلاء ، لكن أيش واجبه ـ واجبه ـ تبليغ دعوة الله بالحكمة والموعظة الحسنة ،
إنسان جاهل ضعيف الشخصية إذا سمع أدنى شبهة أخذته ، أو شُبه ، هذا ينبغي أن ينجو منهم ويبتعد عنهم لا يجالسهم ، لكن إذا امتحنك إنسان وسلم عليك قل وعليك السلام ، بارك الله فيك ، لكن تجالسهم وتُآكلهم تضاحكهم تجلس إليهم أنت مخالف للمنهج السلفي ومخالف للسنة ، 
وذاك الذي يستطيع أن يؤثر فيهم ويبلغهم دعوة الله ثم يجلس في بيته بحجة هجران أهل البدع ! هذا موَّت الدعوة ـ عرفتم ـ يعني ـ الآن أنا ربيع ، خلاص لا أرى مبتدع إلا وأ فر منه ، وما أدري فلان وفلان وفلان وفلان من طلاب العلم لا يرى مبتدع إلا و فر ، شافه ـ طل بوجهه كِذا من أمام البيت ، شاف مبتدع دس نفسه ، شافه في شارع هرب من شارع ثاني ، هذا ليس طريقا سلفيا ، الصحابة كانوا ينتشرون في الكفار في أقطار الأرض وينشرون دين الله فيهم بارك الله فيكم ، السلفيون اللي قبلنا انتشروا في أهل البدع وأثروا فيهم وأدخلوا الملايين في حظيرة المنهج السلفي ، فمن كان مناظرا قويا وقوي الشخصية وعالم يقيم الحجة يدعو هؤلاء بالحكمة والموعظة الحسنة وسترون آثار هذا ، والضعيف لا والله لا يخالط ، في الجملة ، لكن إذا امتُحن بالسلام عليه فليسم ما فيه شيء ، ماذا يصنع ؟ بارك الله فيكم ، نعم .لكن لا يخالط ولا يجالس . 
** س/ ما كيفية التعامل مع أشخاص يقولون أن فلان الذي بدَّعه العلماء أن هذه الأخطاء لا تُخرجه من دائرة أهل السنة ؟ 
وأن هذا المنهج جديد ظهر بعد وفاة العلماء الأكابر مثل الألباني وابن باز والعثيمين ـ رحمهم الله جميعا ـ ؟
ج/ نعم هذا المنهج نشأ قريبا ، عندكم علم من الجرح والتعديل ، الكلام الذي قلناه ، ناس جرحوا ، ناس ما جرحوا ، ناس يزكون ويدافعون عن هذا المجروح ،إحنا نطلب من الجارحين التفسير ، إذا بينوا أسباب الجرح فيجب إتِّباعهم ، لأن هذا إتِّــباع للحق ، و رد ما عندهم من الحق رفض للحق ، فنفس الجرح والتعديل يوجد هنا ،
هؤلاء جرحوا ، إن كان جرحوا بدون حجة فلا قيمة لكلامهم ، وإن كان جرحوا بحجة فيجب على من يخالفهم أن ينصاع ويرجع إلى الحق والصواب ، وأن يأخذ بالحجة ـ بارك الله فيكم ـ فكثير من الناس يكذبون بالحق ويرفضون الحق وهذا أمر عظيم خطير جدا ـ بارك الله فيكم ـ فهكذا كما قلت لكم مثل القاعدة في الجرح والتعديل ، يُطلب من هؤلاء الجارحين إذا ما كان عندهم بينة ، أما إذا عندهم بينة وعندهم أدلة ……[كلمة غير مفهومة]. انتهى كل شيء ، إذا قالوا والله فلان مبتدع وسكتوا ! قل يا أخي حجتك ، فلان وفلان من العلماء يزكيه ,يكون من أهل السنة ، كيف تقول مبتدع !؟ هات دليلك ،…[كلمة غير مفهومة ]الدليل ، إذا عندك دليل صدق كلامك ، إذا عندك دليل من أول ما سقته يلزمه أن يأخذ به ،إذا عندك أدلة جديدة بعد المطالبة يجب عليه أن يتبع الحق ـ بارك الله فيكم ـ 
** س/ أثابكم الله ـ إذا حكم العلماء على شخص أو على شيخ بأنه مبتدع ، فهل يُطلق هذا الحكم على أتباعه تبعا لشيخهم ، حيث يلتمسون له الأعذار بأنه أخطأ ؟
ج/ يعترفون أنه أخطأ ، يعترفون بأنه أخطأ ، لكن لا يبدعونه ، أو يبدعونه ؟ 
** س/ يقول يلتمسون له الأعذار يقولون هذاــــ 
الشيخ :ـ لا يبدعونه 
** س/ لا يبدعونه 
يرجع إلى السؤال الأول ، إن كان مع العلماء حجة على تبديع هذا الرجل ، فعلى طلابه وعلى كل الناس الذين يحتكون به أن يأخذوا بهذا الحق ولا يجوز لهم أن يدافعوا عنه ، 
أسأل الله أن يؤلف بين قلوبكم ، أسأل الله أن يجمع كلمتكم على الحق ، أسأل الله أن يُذهب عنكم كيد الشيطان ، واجتهدوا ـ ماذا ستنتظرون من الدعاء - أبذلوا الأسباب أنتم ـ إي والله ـ أبذلوا الأسباب في استئصال شأفت الفرقة واسبابها ، وفقكم الله ، وسدد خطاكم ـ حياكم الله ـ شوف والله الأعداء فرحانين ، والله الدعوة السلفية توقفت ، والله ضُربت يا أخوان فاتقوا الله في أنفسكم واتقوا الله في هذه الدعوة ، وابذلوا الأسباب التي تمحو هذه الأباطيل وهذه الفتن ـ بارك الله فيكم ـ حياكم الله ـ 
   

التحذير من الفتن ومن الديمقراطية ومشتقاتها



التحذير من الفتن ومن الديمقراطية ومشتقاتها



بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران: ١٠٢].
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء: 1].
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 70-71].
أما بعد:
فإن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
وإن من أخطر المحدثات الوافدة على ديار الإسلام الديمقراطية والمناداة بالحرية التي اخترعها ملاحدة الغرب وما يتبعها؛ لزحزحة الإسلام عن سيادته وقيادته للأمة إلى ما يسعدها في دنياها وأخراها ويرفعها إلى مكان العزة والقيادة والسيادة.
صدَّر الغرب هذه الديمقراطية والحرية والدولة المدنية والمظاهرات والانتخابات القائمة على الكذب والخيانات والرشاوى بالملايين، فركض إليها، ثم احتضنها غلاة أهل الضلال معتزين بها، متطاولين بها على المتمسكين بالإسلام العاضين عليه بالنواجذ، يسخرون منهم ومن منهجهم ومن أصولهم المنبثقة من كتاب الله ومن سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وسخريتهم هذه إنما هي سخرية بكتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-.
ومن جرأتهم أنهم ينشرونها في المواقع لينشئوا جيلاً منحرفاً عن الإسلام؛ يسخر من أصوله ومبادئه.
وهذا العمل منهم إنما هو خدمة منهم لسادتهم الماسون وملاحدة الغرب، شعروا بذلك أم لم يشعروا.
أين أنتم أيها الضلاّل من تحكيم شريعة الله القائل: ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون )، ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون )، (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون ).
أين أنتم أيها الضلاّل من الشروط الشرعية لاختيار الحاكم المسلم؟
أين أنتم من منـزلة الإمامة في الإسلام؟
فالإمامة موضوعة لخلافة النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا، وعقدها لمن يقوم بها في الأمة واجب بالإجماع.
ولا يأتي هذا الإمام عن طريق الانتخابات الديمقراطية التي يمثلها الفساق والعلمانيون واليهود والنصارى والشيوعيون، ولا مانع عندهم من رئاسة واحد من هذه الأصناف.
ولا يصل الإمام في الإسلام إلى منصب الإمامة إلا عن طريق أفضل الناس علماً وأخلاقاً وعدلاً.
فمن شروط من يختار الإمام:
1- العدالة الجامعة لشروطها، ومنها الإسلام والبلوغ والعقل والسلامة من الفسق وخوارم المروءة.
2- والعلم الذي يتوصل به إلى معرفة من يستحق الإمامة.
3- والرأي والحكمة المؤديان إلى اختيار من هو للإمامة أصلح، وبتدبير المصالح أقوم وأعرف.
ومن شروط من يختار للإمامة:
1- العدالة على شروطها الجامعة كما سلف.
2- والعلم المؤدي إلى الاجتهاد في النوازل والأحكام.
3- سلامة الحواس من السمع والبصر ليصح معها مباشرة ما يدرك بها.
4- والرأي السديد المفضي إلى سياسة الرعية وتدبير المصالح.
5- الشجاعة والنجدة المؤدية إلى حماية البيضة وجهاد العدو.
انظر "الأحكام السلطانية" للماوردي (ص6).
ثم إن هذا الحاكم إن حكم بغير ما أنزل الله إن كان يؤمن بشريعة الله ويعتقد في قرارة نفسه أن الحكم بغير ما أنزل الله حرام وباطل وضلال، فهو كافر كفراً أصغر.
وإن كان مستحلاً للحكم بغير ما أنزل الله وأن الحكم للديمقراطية وبالديمقراطية فهو كافر كفراً أكبر مخرج من ملة الإسلام.
وإنني لأخشى على المتباهين بالديمقراطية والدولة المدنية وما تفرع عنهما من المساواة بين الأديان وأهل الأديان، أخشى عليهم من الوقوع في الكفر.
ويأبى الله ورسوله والمؤمنون المساواة بين المؤمنين بالله المتقين وبين الكفار الفجار.
قال تعالى: (أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ) [سورة ص: 28].
وقال تعالى: ( أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ) [سورة الجاثية: 21].
وقال تعالى: (إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) [سورة النجم: (34-37)].
فالله ينفي المساواة بين المؤمنين وبين الكفار المجرمين في الدنيا والآخرة.
والديمقراطية تسوي بين الكفار على اختلاف أصنافهم وبين المسلمين، وتسوي بين الإسلام والديانات الباطلة، وعلى هذا المنهج يسير الديمقراطيون، وقد يقدمون الكفار على المسلمين.
ثم إن هذا الصنف من أذناب الغرب ينكر على السلفيين الصادقين التمسك بالكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح في معاملة الحكام العادلين والظالمين الذين لم يخرجوا من دائرة الإسلام إلى الكفر البواح ويتساءلون كيف سيتعامل السلفيون مع الحكام الجدد؟، وجوابنا عليهم أننا ثابتون على منهجنا الإسلامي المنبثق من كتاب الله ومن سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم -، والذي سار عليه سلفنا الصالح في العقائد والعبادات والمعاملات والسياسة.
لن نزيد ولن ننقص من ذلك شيئاً.
ولسنا مثلكم كالحرباوات نتلون ونتشكل مسايرة للمتغيرات وتقلبات الأوضاع والحكومات.
ومن بوائق هذا الصنف أنهم يتهمون السلفيين بأنهم يؤيدون القذافي الليبي والأسد السوري ونظامه النصيري الباطني، وقد أسرفوا في ترداد هذا الإفك وينشرونه في المواقع.
وكذبوا وأفكوا، فعلماء المنهج السلفي يكفرون القذافي وهذا النصيري وطائفته النصيرية الباطنية، ولقد صرّحت بهذا في مجالسي ودروسي مراراً وتكراراً، وأعتقد أن هذا الصنف يعلم هذا جيدا، ولكنهم قوم بهاتون، ومناهجهم الفاسدة تبيح لهم هذا البهت .
أما موقفنا من المظاهرات وما ترتب عليها من فوضى ومذابح ومجازر ذهب ضحيتها ألوف مؤلفة من الأرواح في ليبيا وسوريا.
وكم انتهكت من الأعراض وكم شردت من الأسر وكم دمرت من الممتلكات في هذين البلدين .
اسألوا المساكين والشيوخ والعجائز واليتامى الذين قتل آباؤهم في هذه الحروب، والأرامل اللاتي هلك أزواجهن في هذه الفتن وخلفوا لهن أطفالاً يتامى، اسألوا هؤلاء جميعاً هل هم راضون عن هذه الفتن ونتائجها الخطيرة التي تأتي على الأخضر واليابس؟
موقفنا من هذه الأمور الاستنكار الشديد وتبرئة الإسلام من هذه الجاهليات التي يرتكبها نظام هذين البلدين وحكامها.
ويشاركهم في أوزار ذلك خصومهم دعاة الحرية والديمقراطية المتسببون في هذه الفتن.
ونحذر السلفيين وكل من يستجيب لصوت الإسلام من المشاركة في هذه المذابح وما رافقها من تدمير وهتك واسع للأعراض وتشريد لآلاف الأسر؛ لأن الإسلام يحرم هذه الأعمال المتناهية في الوحشية، ويدين أهلها، ولا ناقة له فيها ولا جمل .
فبداية هذه الجرائم الديمقراطية والدكتاتورية ونهايتها الديمقراطية التي قد تتحول إلى دكتاتورية .
نسأل الله أن يجعل لهذين الشعبين فرجاً ومخرجاً، وأن يوفقهما للتمسك بالإسلام والاعتزاز به، وأن يريحهما من هذه الفتن الهوجاء المدمرة، وأن يحمي بلاد الإسلام من هذه الفتن والشرور .

التحذير في الإسلام من الفتن
لقد حذر الله من الفتن وأسبابها.
قال تعالى: (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ).
وقد تكلم اللغويون في بيان معناها، فقالوا:
الفتنة أصلها الامتحان، وكثر استعمالها في ذلك، ثم كثر حتى استعمل بمعنى الإثم والكفر والقتال والإحراق والصرف عن الشيء.
وحذّر منها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كرات ومرات.
1- عن حذيفة –رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "تعرض الفتن على القلوب كالحصير عودا عودا فأي قلب أشربها نكت فيه نكتة سوداء وأي قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء حتى تصير على قلبين على أبيض مثل الصفا فلا تضره فتنة ما دامت السموات والأرض والآخر أسود مربادا كالكوز مجخيا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا إلا ما أشرب من هواه"([1]).
فما أكثر من تتشرب قلوبهم الفتن حتى تسود هذه القلوب وتنتكس، ثم بعد ذلك لا تعرف معروفاً، ولا تنكر منكراً، جعلنا الله من المستنكرين لهذه الفتن صغيرها وكبيرها.
2- عن عبد الله بن عمرو بن العاص –رضي الله عنهما- قال: كنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في سفر، فنـزلنا منـزلا، فمنا من يصلح خباءه، ومنا من ينتضل، ومنا من هو في جشره إذ نادى منادي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الصلاة جامعة، فاجتمعنا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم وينذرهم شر ما يعلمه لهم، وإن أمتكم هذه جعل عافيتها في أولها، وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها، وتجيء فتنة فيرقق بعضها بعضا، وتجيء الفتنة فيقول المؤمن: هذه مهلكتي، ثم تنكشف، وتجيء الفتنة فيقول المؤمن: هذه هذه، فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه، ومن بايع إماما فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه إن استطاع، فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر"([2]).
وهذا الحديث فيه الإنذار من فتن عظيمة مرعبة وشرور مهلكة.
ولقد أصاب آخر هذه الأمة بلاء وأمور منكرة وفتن مهلكة إلا من سلم الله من المؤمنين الصادقين، ولا سيما في هذا الزمن.
3- قال أبو داود: "باب فِى النَّهْىِ عَنِ السَّعْي فِى الْفِتْنَةِ".
عن أبي بكرة –رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «إِنَّهَا سَتَكُونُ فِتْنَةٌ يَكُونُ الْمُضْطَجِعُ فِيهَا خَيْرًا مِنَ الْجَالِسِ، وَالْجَالِسُ خَيْرًا مِنَ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ خَيْرًا مِنَ الْمَاشِي، وَالْمَاشِي خَيْرًا مِنَ السَّاعِي ». قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا تَأْمُرُنِي؟ قَالَ: « مَنْ كَانَتْ لَهُ إِبِلٌ فَلْيَلْحَقْ بِإِبِلِهِ، وَمَنْ كَانَتْ لَهُ غَنَمٌ فَلْيَلْحَقْ بِغَنَمِهِ، وَمَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَلْحَقْ بِأَرْضِهِ ». قَالَ: فَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ قَالَ: « فَلْيَعْمِدْ إِلَى سَيْفِهِ فَلْيَضْرِبْ بِحَدِّهِ عَلَى حَرَّةٍ ثُمَّ لِيَنْجُ مَا اسْتَطَاعَ النَّجَاءَ »([3]).
هذا لفظ أبي داود.
وفي مسلم بعد هذا: "اللهم هل بلغت، اللهم هل بلغت، اللهم هل بلغت؟".
وفي هذا الحديث تعليم وتوجيه رسول الله –صلى الله عليه وسلم- للأمة كيف تتجنب الفتن والهروب من الخوض فيها.
ومن المؤسف جداً أنَّ بعض أهل الأهواء يسخرون ممن يحتج بهذا الحديث، ويسخرون من مضمون هذا الحديث وما في معناه، ولا سيما المفتونين بضلالات الغرب كالديمقراطية والاشتراكية، ويزعمون أن الثابتين على الإسلام رجعيون ومتخلفون، ويزعمون أنهم راقون وتقدميون مع الأسف الشديد.
4- قال الإمام البخاري –رحمه الله-: "بَاب مِنْ الدِّينِ الْفِرَارُ مِنْ الْفِتَنِ".
ثم روى بإسناده عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرَ مَالِ الْمُسْلِمِ غَنَمٌ يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الْجِبَالِ وَمَوَاقِعَ الْقَطْرِ يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنْ الْفِتَنِ"([4]).
وفي هذا الحديث إرشاد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى إيجاد التدابير والأسباب التي تجنب المسلم الصادق من الفتن.
وهذا الإرشاد والتوجيه النبوي لا يعجب المبهورين بمبادئ الغرب الضالة، بل يحبون الخوض في أعماق الفتن.
5- وعن حميد بن عبد الرحمن أن أبا هريرة قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: « يَتَقَارَبُ الزَّمَانُ وَيَنْقُصُ الْعِلْمُ وَتَظْهَرُ الْفِتَنُ وَيُلْقَى الشُّحُّ وَيَكْثُرُ الْهَرْجُ ». قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيَّةُ هُوَ؟، قَالَ « الْقَتْلُ الْقَتْلُ »([5]).
وفي هذا الحديث بيان لكثرة الفتن، ومنها: الهرج وهو القتل.
ومن أسباب هذه الفتن وكثرة الهرج الانبهار بمبادئ الغرب، ومنها المظاهرات والتشبث بالديمقراطية والحرية الإفرنجية.
6- وعن أبي موسى –رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه و سلم- أنه قال في الفتنة: "كسِّروا فيها قسِيَّكم وقطِّعوا فيها أوتاركم، والزموا فيها أجواف بيوتكم وكونوا كابن آدم"([6]).
وفي هذا الحديث الحث على الجد في البعد عن الفتن ووسائلها.
وهذا الحديث الشريف من جملة الأحاديث التي يسخر أهل الأهواء ممن يواجه الفتن في ضوئها بالاستنكار وبالابتعاد عنها امتثالاً لتوجيهات رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وحفاظاً على دينه.
7- وعن أبي هريرة –رضي الله عنه- أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: "بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم يصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسي كافرا أو يصبح كافرا ويمسي مؤمنا يبيع دينه بعرض من الدنيا"([7]).
نعوذ بالله من هذه الفتن المظلمة التي تؤدي إلى الكفر وإلى بيع الدين بعرض حقير من الدنيا.
8- عن أبي موسى الأشعري –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: « إِنَّ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيهَا مُؤْمِنًا وَيُمْسِى كَافِرًا أو يُمْسِى مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِي وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي ». قَالُوا فَمَا تَأْمُرُنَا قَالَ « كُونُوا أَحْلاَسَ بُيُوتِكُمْ»([8]).
أقول: وما أكثر المثيرين للفتن والماشين والساعين والراكضين إليها متباهين بذلك وما يشعرون بما وقعوا فيه من الجهل والضلال.
وفي الوقت نفسه يسخرون من المتمسكين بهدي محمد –صلى الله عليه وسلم- وتوجيهاته الرشيدة.

قال الخطابي: "يقال للرجل إذا كان يلزم بيته لا يبرح منه هو حلس بيته؛ لأن الحلس يفترش فيبقى على المكان ما دام لا يرفع".
9- وعن حذيفة –رضي الله عنه- قال: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ السَّاعَةِ فَقَالَ: ( عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ )، وَلَكِنْ أُخْبِرُكُمْ بِمَشَارِيطِهَا وَمَا يَكُونُ بَيْنَ يَدَيْهَا إِنَّ بَيْنَ يَدَيْهَا فِتْنَةً وَهَرْجًا، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ الْفِتْنَةُ قَدْ عَرَفْنَاهَا فَالْهَرْجُ مَا هُوَ؟ قَالَ: بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ: الْقَتْلُ، وَيُلْقَى بَيْنَ النَّاسِ التَّنَاكُرُ، فَلَا يَكَادُ أَحَدٌ أَنْ يَعْرِفَ أَحَدًا"([9]).
لقد حذّرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في هذه الأحاديث وغيرها أشد التحذير من الخوض في الفتن، وحذّر منها علماء الإسلام، وعلى رأسهم الصحابة الكرام وأئمة الحديث، الذين حفظ الله بهم الإسلام وأحاديث رسولنا الكريم؛ فقد ألّفوا كتباً خاصة في التحذير من الفتن، فقلَّ إمام يؤلف ديواناً في سنن رسول الله إلا ويذكر فيه أحاديث الفتن ومنهم الأئمة الستة.
فعلى المؤمنين الصادقين أن يتمسكوا بهدي محمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويعضوا عليه بالنواجذ، فإنه خير الهدي، وما خالفه ففيه العطب والهلاك والضلال.

بيان رسول الهدى –صلى الله عليه وسلم- وتوجيهاته الحكيمة لأمته كيف تتعامل
مع أمرائها.
1- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية ومن قاتل تحت راية عمية يغضب لعصبة أو يدعو إلى عصبة أو ينصر عصبة فقُتل، فقتلة جاهلية، ومن خرج على أمتي يضرب برها وفاجرها ولا يتحاش من مؤمنها ولا يفي لذي عهد عهده فليس مني ولست منه"، أخرجه مسلم حديث (1848).
2- عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر، فإنه من فارق الجماعة شبرا فمات فميتة جاهلية"، أخرجه مسلم حديث (1849).
3- عن أم سلمة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "ستكون أمراء فتعرفون وتنكرون، فمن عرف برئ، ومن أنكر سلم، ولكن من رضي وتابع، قالوا: أفلا نقاتلهم؟ قال: لا. ما صلوا"، أخرجه مسلم حديث (1854).
4- وعن عبادة بن الصامت –رضي الله عنه- قال: "دَعَانَا رسول اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَبَايَعْنَاهُ فَكَانَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا أَنْ بَايَعَنَا على السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ في مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا وَأَثَرَةٍ عَلَيْنَا وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ، قال: إلا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ من اللَّهِ فيه بُرْهَانٌ"، متفق عليه، أخرجه البخاري حديث (7055)، ومسلم حديث (1709).
فهذه الأحاديث تدل على تحريم الخروج على ولاة أمور المسلمين وجماعة المسلمين، وأن هذا الخروج من أمر الجاهلية، وعلى براءة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ممن يخرج؛ لأن ذلك من الإفساد في الأرض، ولأنه يؤدي إلى سفك الدماء وهتك الأعراض وتدمير الأموال والممتلكات، وإلى ضياع الأمن وانتشار الرعب.
فإذا كان الحاكم كافراً كفراً بواحاً عند المسلمين عليه برهان جاز الخروج عليه بشروط:
1- أن تكون لدى المسلمين قدرة مستيقنة أو شبه مستيقنة على إسقاط هذا الحاكم الكافر بأن تكون قائمة على إعداد العدة المادية إلى جانب العدة الإيمانية كما قال تعالى: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ)، فإن ذلك يسهل التخلص منه لا سيما إذا كان معظم الجيش وقياداته والشعب ضده عقدياً ومنهجياً وسلاحاً.

2- أن يكون القصد إعلاء كلمة الله، لا من أجل عصبية ولا من أجل مطامع دنيوية.
عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: الرجل يُقَاتِلُ حَمِيَّةً وَيُقَاتِلُ شَجَاعَةً وَيُقَاتِلُ رِيَاءً فَأَيُّ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ فقَالَ -صلى الله عليه وسلم-: مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ"، أخرجه البخاري في "صحيحه" حديث (7458).

وقال الصحابي الجليل أبو برزة الأسلمي -رضي الله عنه- مستنكراً ما يجري في عهده من قتال ودماء بين طلاب الدنيا:
""إِنِّي احْتَسَبْتُ عِنْدَ اللَّهِ أَنِّي أَصْبَحْتُ سَاخِطًا عَلَى أَحْيَاءِ قُرَيْشٍ إِنَّكُمْ يَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ كُنْتُمْ عَلَى الْحَالِ الَّذِي عَلِمْتُمْ مِنْ الذِّلَّةِ وَالْقِلَّةِ وَالضَّلَالَةِ وَإِنَّ اللَّهَ أَنْقَذَكُمْ بِالْإِسْلَامِ وَبِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَلَغَ بِكُمْ مَا تَرَوْنَ وَهَذِهِ الدُّنْيَا الَّتِي أَفْسَدَتْ بَيْنَكُمْ إِنَّ ذَاكَ الَّذِي بِالشَّأْمِ وَاللَّهِ إِنْ يُقَاتِلُ إِلَّا عَلَى الدُّنْيَا وَإِنَّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ وَاللَّهِ إِنْ يُقَاتِلُونَ إِلَّا عَلَى الدُّنْيَا وَإِنْ ذَاكَ الَّذِي بِمَكَّةَ وَاللَّهِ إِنْ يُقَاتِلُ إِلَّا عَلَى الدُّنْيَا"([10]).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية معلقاً على حديث أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه-:
" فالمقصود أن يكون الدين كله لله، وأن تكون كلمة الله هي العليا، وكلمة الله اسم جامع لكلماته التي تضمها كتابه" ، "السياسة الشرعية" (ص75).
فإذا كان الخروج على الحاكم لدوافع غير إسلامية، ولا يقصد بهذا الخروج إعلاء كلمة الله كان هذا الخروج غير شرعي، ولا يحل لمسلم المشاركة فيه لما فيه من الظلم والفتن وسفك الدماء.
ومع الأسف الشديد أن ثورات ما يسمى بالربيع العربي على حكامهم كانت خالية من هذه المعاني والمقاصد الإسلامية النبيلة.
بل مع الأسف كانت شعاراتها ومبادئ ثورتها غريبة وغربية مضادة للإسلام، فذهب الكثير والكثير من الشباب والشيب الضعفاء والمساكين ضحايا من أجل هذه الشعارات والمبادئ الغربية.
ومن هنا نصحنا الشباب السلفي ومن يقبل النصح بالابتعاد عن المشاركة في هذه الفتن وفي سفك الدماء.
هذا النصح كان من منطلق إسلامي واضح قائم على الأدلة من الكتاب والسنة، وقد سبقنا إلى مثل هذا الموقف شيخ الإسلام ابن تيمية وعلماء عصره.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- وهو يتحدث عن أهل الضلال الذين يتعلقون بالأموات، يدعونهم ويستغيثون بهم في الشدائد، بعد أن بيّن أن هذا العمل من الشرك بالله .
قال -رحمه الله-:
" حتى إن العدو الخارج عن شريعة الإسلام لما قدم دمشق خرجوا يستغيثون بالموتى عند القبور التي يرجون عندها كشف ضرهم، وقال بعض الشعراء:
يا خائفين من التتر ... لوذوا بقبر أبي عمر
أو قال:
عوذوا بقبر أبي عمر ... ينجيكم من الضرر
فقلت لهم: هؤلاء الذين تستغيثون بهم لو كانوا معكم في القتال لانهزموا كما انهزم من انهزم من المسلمين يوم أحد؛ فإنه كان قد قضى أن العسكر ينكسر لأسباب اقتضت ذلك، ولحكمة لله عز وجل في ذلك، ولهذا كان أهل المعرفة بالدين والمكاشفة لم يقاتلوا في تلك المرة لعدم القتال الشرعي الذي أمر الله به ورسوله، ولما يحصل في ذلك من الشر والفساد وانتفاء النصرة المطلوبة من القتال؛ فلا يكون فيه ثواب الدنيا ولا ثواب الآخرة لمن عرف هذا وهذا، وإن كثيراً من القائلين الذين اعتقدوا هذا قتالا شرعيا أجروا على نياتهم، فلما كان بعد ذلك جعلنا نأمر الناس بإخلاص الدين لله عز و جل والاستغاثة به، وأنهم لا يستغيثون إلا إياه، لا يستغيثون بملك مقرب ولا نبي مرسل، كما قال تعالى يوم بدر: (إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم).
وروي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يوم بدر يقول: "يا حي يا قيوم لا إله إلا أنت، برحمتك أستغيث".
وفي لفظ: "أصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين، ولا إلى أحد من خلقك".
فلما أصلح الناس أمورهم وصدقوا في الاستغاثة بربهم؛ نصرهم على عدوهم نصرا عزيزاً، ولم تهزم التتار مثل هذه الهزيمة قبل ذلك أصلاً لما صح من تحقيق توحيد الله تعالى وطاعة رسوله ما لم يكن قبل ذلك، فإن الله تعالى ينصر رسله والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد"، "الاستغاثة" (2/732-738).

ماذا في هذا النص من العبر؟
1- قوم جاءهم عدو من أعداء الإسلام همجي ليستولي على بلادهم.
2- فخرج أهل دمشق ليقاتلوا هذا العدو باسم الإسلام، وليدافعوا عن عاصمة من عواصم الإسلام .
3- فسمع منهم شيخ الإسلام ما ينافي التوحيد، وذلك أنهم يستغيثون بالموتى لينصروهم على هذا العدو.
4- فصارحهم شيخ الإسلام بأنهم سوف ينهزمون، جازماً بذلك؛ لأنهم جاؤوا بما يخالف الإسلام من الاستغاثة بغير الله، وذلك مما يسبب الفشل والهزيمة.
5- ذكر أن أهل المعرفة بالدين والمكاشفة (أي الفراسة) لم يقاتلوا في تلك المرة لعدم القتال الشرعي الذي أمر الله به ورسوله؛ لأن القتال الشرعي لا بد أن يكون أهله أهل توحيد يقاتلون لغاية عظيمة أن تكون كلمة الله هي العليا، وهؤلاء المقاتلون قد أتوا بما يخل بكلمة التوحيد، فانهزم جيش هؤلاء المقاتلين لاختلال شروط الجهاد الذي شرعه الله .
6- شرع شيخ الإسلام بعد هذا يدعو الناس إلى توحيد الله وإخلاص الدين لله -عزَّ وجل-، والاستغاثة به، وأنهم لا يستغيثون إلا بالله، لا بملك مقرب ولا نبي مرسل، وساق الأدلة على ذلك .
7- قال: "فلما أصلح الناس أمورهم وصدقوا في الاستغاثة بربهم نصرهم على عدوهم نصرا عزيزا ولم تهزم التتار مثل هذه الهزيمة قبل ذلك أصلا لما صح من تحقيق توحيد الله تعالى وطاعة رسوله ما لم يكن قبل ذلك فإن الله تعالى ينصر رسله والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد".
والشاهد من هذا الكلام أن شيخ الإسلام وأهل المعرفة بالدين لم يشاركوا في قتال الغزاة أعداء الله؛ لأن هذا قتال غير شرعي، ولو كان المقاتلون أهل توحيد يقاتلون لإعلاء كلمة الله لكان شيخ الإسلام وهؤلاء العلماء في طليعة المقاتلين .
ثم لما ربى شيخ الإسلام الناس على التوحيد وأصلحوا أمورهم شاركهم شيخ الإسلام في الجهاد، بل اعتقد أنه هو الذي قادهم إلى القتال الذي أحرزوا فيه النصر المظفر، وانهزم عدو الإسلام شر هزيمة . 
والخلاصة أنه يجب على المسلمين أن يعرفوا المنهج الإسلامي عقيدة وعبادة ومعاملات وجهاداً وأخلاقاً، وأن يتمسكوا بهذا المنهج بكل تفاصيله، وأن يحذروا من الوقوع في الفتن واتباع أعداء الإسلام في عقائدهم أو سياستهم أو أخلاقهم، ومن وقع في شيء من هذه المخازي، فعليه أن يتوب إلى الله توبة نصوحا.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
كتبه
ربيع بن هادي عمير المدخلي
4/10/1433هـ

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 
[1] - أخرجه مسلم حديث (144)، وأحمد (5/386).

[2] - أخرجه مسلم حديث (1844)، وأحمد (2/191).

[3] - أخرجه مسلم في "الفتن" حديث (2887) "باب نزول الفتن كمواقع القطر" ، وأبو داود في "الفتن والملاحم" حديث (4256).

[4] - "الإيمان" حديث (19).

[5] - متفق عليه، أخرجه البخاري في "الفتن" "باب ظهور الفتن" حديث (7061) ومسلم في "العلم"، "باب رفع العلم وقبضه" حديث (2672)، وأبو داود في "الفتن" حديث (4255).

[6] - أخرجه الترمذي حديث (2204)، وهو جزء من حديث رواه أحمد في "مسنده" (4/408)، وأبو داود في "سننه" برقم (4259).

[7] - أخرجه مسلم في "الإيمان" (118) وأحمد (2/303)، والترمذي في "الفتن" (2195) وابن حبان (6704).

[8] - أخرجه أحمد في "مسنده" (4/408) ، وأبو داود في "سننه" حديث (4262).

[9] - رواه أحمد (5/389) بإسناد حسن.

[10] - أخرجه البخاري في "صحيحه" حديث (7112).